على العدل والإحسان ح
بقلم: عمر إحرشان
لم يكن اعتباطا أن يختم السيد بنكيران حملته الانتخابية بملف العدل والإحسان خلال لقائه في برنامج مناظرات على قناة mfm .. في هذا رسالة تودد إلى من يهمهم الأمر طبعا بأنه ما زال رجل المرحلة ومستعد للعب أي دور ؟؟.. وهو الذي جرب هذا الأسلوب في سنة 2011 حين كان شغله الشاغل مواجهة الحراك الشعبي والتموقع ضده، ويريد اليوم تجريب نفس التكتيك، ولذلك لا نستغرب أن حملة السيد بنكيران كانت نسخة مكررة لخطابه في 2011 مركزة على مواجهة التحكم والفساد رغم أن بإمكانه تحريك القضاء ضد كل شبهة فساد ومفسد ورغم أنه هو صاحب قرار عدم متابعة من تم عزلهم من رؤساء الجماعات قبيل الانتخابات من قبل وزارة الداخلية وبالتالي كان هذا القرار هو سبب ترشحهم من جديد ....ومواجهة الجماعة والمقاطعين للانتخابات وهو الذي لم يبذل أي مجهود لضمان حقهم في التعبير عن رأي سلمي ولم يصرح في كل تجمعاته بأي تنديد لما يتعرضون له من تضييق وحرمان من أبسط حقوقهم.
يعرف بنكيران تمام المعرفة أن ملف الجماعة أكبر منه، وأنه، وحتى في حالة وجود إرادة مخزنية لحله، فإنه لن يحظى بهذا الشرف، ولذلك فالأفضل له أن يبتعد عن الملف في الاتجاهين معا: العمل على حله أو المزايدة به على الدولة طبعا.
تحدث السيد بنكيران أنه ليست له صلاحية النظر في هذا الملف، وهذا غير صحيح وفيه تهرب وتنصل من مسؤوليته، لأنه رئيس حكومة لا تفتأ تقول أنها حكومة سياسية وشريكة في الحكم.. ولا أحتاج أن أذكره بالسيد عبد الرحمن اليوسفي الذي كانت له الشجاعة وفتح هذا الملف من خلال مستشاريه وأبدى رغبة في طي هذه الصفحة السوداء في الملف الحقوقي والسياسي المغربي. طبعا السياق السياسي الذي كان فيه اليوسفي وزيرا أول مختلف عن السياق السياسي لعهد بنكيران والصلاحيات الدستورية والشرعية الانتخابية وميزان القوى كلها في صالح بنكيران الذي لم يمتلك شجاعة تقليب صفحات الملف رغم أنه كان يصرح عند توليه أن حل ملف الجماعة من أهم أولوياته، ويمكن له أن يراجع حواراته في هذا الباب. للأسف بنكيران، لم يكتف بهذا، بل صار يقدم خدمات لا يمكن لأي سياسي يحترم نفسه ويحرص على مصداقيته إلا أن يرفضها. فإذا كان ليس بإمكانك حل ملف الجماعة فلماذا تتحامل عليها ولماذا تحرض ضدها مدعيا أنها تنظم الجلسات و....أليس هذا استعداء ؟ أليس في هذا ضوء أخضر لمزيد من الحصار والتضييق ؟ لماذا تناسيت حرمانها من حقها في التنظيم والإعلام والتخييم والاعتكاف و... لماذا لا تصمت إن كنت لن تقول خيرا ؟
اختلطت الأوراق على السيد بنكيران فادعى أن الجماعة بعيدة عن السياسة، ولا أدري من أي مرجعية ينهل لأن الطالب البسيط في العلوم السياسية يمكنه تحديد مدلول الحقل السياسي، وطبعا لن يختزله في المؤسسات الرسمية، وخاصة في ظل بلد لم تستقر فيه الممارسة والتقاليد الديمقراطية، ولأنه تناسى، رغم قصر المدة، أن هذه السياسة التي تمارسها الجماعة وغيرها من التنظيمات التي اختارت الشارع والمجتمع مكانا للفعل السياسي هي التي أوصلته لما هو فيه اليوم كرئيس للحكومة وهو الذي كان تحت مطرقة الحل وسندان التحكم في عدد المقاعد التي يفوز بها بعد كل انتخابات.. ولا أحتاج مرة أخرى تذكيره بتصريحاته قبيل انتخابات 2011 التي كانت أغلى أمنيته أن يفوز ب 80 مقعدا فيها وفاز ب 107 مستفيدا من الحراك الشعبي الذي مارس السياسة الحقيقية وحقق ما لم يكن يجرؤ سياسي من داخل المؤسسات على الهمس به، فأحرى الجهر به والمطالبة به.
من يتابع خطاب بنكيران يلاحظ أنه في الآونة الأخيرة سقط أسير ردود فعل وانفعال وغضب وتشنج، ويتعامل مع كل من يخالفه بمنطق العداوة، ولا يتردد في استعمال قاموس رديء متناسيا أنه رجل دعوة بالأساس ومرجعيته تحتم عليه عفة اللسان وانتقاء أطايب الكلام ونعت الناس بأحب النعوت وأن عليه واجب تخليق الحياة السياسية بتخليق الخطاب وأن لا ينجر إلى ما يراد له من قبل خصومه الذين نجحوا في إخراجه عن الصورة التي كان ينبغي أن يكون عليها، وهو خريج محاضن الدعوة والتربية والإيمان، ونجحوا في نزع صفة رجل الدولة عنه القادر على سماع الرأي الآخر دون الرد على كل منتقد. ولك أسوة في عبد الرحمن اليوسفي الذي رغم ما تعرض له من نقد يفوق أضعاف ما تتعرض له ولكنه بقي حليما وعفيفا ومتحفظا بحكم موقعه.
أولى للإخوة الأفاضل في الحركة والحزب ان يصارحوا السيد بنكيران بما يتهامسون به سرا بينهم من مبالغة في صناعة العداوات والارتجال والاجتهادات الخارجة عن سياق المتفق عليه، واولى أن ينصحوه بالابتعاد عن الجماعة لأنها أكبر منه بالمعنيين: لن يحل مشكلتها ولن يستطيع الركوب عليها لإرضاء من يهمهم الأمر.
من الحكم المأثورة : "من كثر كلامه كثر لغطه.. ومن كثر لغطه كثر سقطه"والسيد بنكيران أكثر الكلام هذه الأيام
وبالتالي كثر سقطه. نسأل الله تعالى أن يجنبنا عثرات اللسان.
المصدر: aljamaa.net
-->
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire